السيدة خديجة رمز التضحية والفداء

ان الحديث ليطيب عن أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد (ع) زوجة النبي (ص) وأم الزهراء البتول (ع) وكيف لا والكلام عن اعظم شخصية نسائية لها فضل المؤازرة للاسلام حال نزوله على النبي محمد (ص) فصدقته حينما الناس وساندته حينما خذلوه فقدمت كل غالِ ونفيس في سبيل الله عزوجل فعوضها الله بأن حباها الكوثر فاطمة الزهراء (ع).
الام هي اساس المجتمع وعموده الفقري وعليها تعقد الآمال لتربية الاجيال وانتاج العظماء وكما قيل فيها شعراً
الأم مدرسة اذا أعددتها أعددت شعباً طيب الاعراق

ولو اهتمت بتربية نسائها التربية الصالحة واعدتهن لتنشئة الاجيال وتربية الرجال فانها بذلك تضمن مستقبلها وتبني حضارتها وفي التاريخ نماذج كثيرة لتلك الامهات اللتي قدمن للامة رجالاً عظاماً وقادة كراما وصدق من قال وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة، والتاريخ مليء بالشواهد ولعل اهمها مايزخر به تاريخ الاسلام، فأنك تجد مع رسول الله خديجة (ع) ومع الحسين بن علي ـ ع ـ زينب العقيلة, وقد لمس الاعداء اهمية المرأة ودورها العظيم في صنع الاجيال لذا بدأت معاولهم تدك هذا الاساس لتهدم هذا الصرح العظيم فبدؤا بأنشاء الحركات المدمرة للمرأة تحت عناوين الحرية والتحرر, وخدعت المرأة وللاسف وظنت انها اقتحمت عصر الحرية فعلا وان ايام العبودية ولت والى الابد فانطلقت في الاسواق والمكاتب والشوارع مسترجله فرحة لكن حينما مرت حقبة من الزمن حتى تعالت صيحات التحذير والانذار تحذر وتنذر بان مسيرة المرأة هذه تخالف فطرتها والهدف من وجودها.

من هنا لابد للمرأة ان ترجع الى موقعها الاصلي المنسجم مع كينونتها الذي خلقها الله لاجله وان تكافح من اجل ابقائه قويا حصينا يصعب اقتحامه وان لاتنخدع بشعارات التحرر الزائفة وتحطيم الاغلال فان (جهاد المرأة حسن التبعل) و(الجنة تحت اقدام الامهات) ولتجهد في القيام برسالتها بافضل شكل فمكانة المرأة هي تربية الاجيال والرجال وايما امرأة رضيت بما قسم الله لها وادت رسالتها على اتم وجه فلها الجنة كما جاء في الحديث الشريف عن رسول الله (ص). ولكن من هي خديجة؟
خديجة بنت خويلد بن اسد بن عبد العزى بن قصي ولدت قبل عام الفيل بثلاث سنوات واستشهدت جوعا وعطشاً في شعب ابي طالب في العام العاشر من بعثة النبي محمد (ص) وكانت خديجة هي الكاملة من جميع الجانب عقلا وفضلا وجمالاً وكانت اغنى امرأة في الجزيرة العربية فهي امراة حازمة ولبيبة وهي يومئذ اوسط قريش نسبا واعظمهم شرفا واكثرهم مالا وكان رجال قريش يتمنون الاقتران بها الا انها كانت تعزف منهم لانها لم تجد كفؤها فيمن تقدم قبل النبي (ص) لذا رفضتهم جميعا بشموخ وردتهم بكبرياء طبعا لم تكن الاموال والخدم والحشم هي الامور التي اورثت في نفس السيدة خديجة ـ ع ـ الكبرياء والاعتزاز والتعالي، بل ان الشموخ والرفة جاء من كمال عقلها وفهمها وترفعها عن جميع الصفات السيئة والاخلاق الرذيلة لذلك فان قلبها تعلق بسيد الرسل وخاتمهم كما سمعت عن صدقه ووفائه وامانته فكانت المرأة المباركة والزوجة الصالحة للنبي ـ ص ـ ولا تجد مالا اكثر بركة من مالها حيث اهتدت بواسطته الى النبي ـ ص ـ فاصبحت زوجته ثم انفقته في سبيل الله عزوجل فكان افضل مال.

كان مال السيدة ام المؤمنين خديجة ـ ع ـ خير عون للنبي ـ ص ـ واصحابه في شعب ابي طالب فقد استمر الحصار ثلاث سنوات والنبي يقدم مالديه من اموال خديجة ـ ع ـ ويتحمل الجوع هو وزوجته المؤمنةالصابرة ليؤثر اصحابه وتابعيه وبدأت اثار الجوع والضعف تظهر على السيدة ام المؤمنين واخذ نجمها يأذن بالافول بينما كان الرسول ـ ص ـ ينظر الى زوجته الوفية بحزن عميق يقع جسدها الطاهر طريح الفراش اسير المرض فيلازمه النبي ـ ص ـ ويرفض ان يتركه للحضة وفاءا وتقديراً لتلك المرأة العظيمة التي بذلت كل شيء في سبيل الله عزوجل في مساندة رسوله وجاء اليوم المشؤوم وفزع جميع من في الشعب من الخبر وتجمعوا حول ام المؤمنين وشاهدوا مدى تألم رسول الله ـ ص ـ والدموع قد تجمعت في عينه وهو ينظر الى زوجته وهي تلفظ انفاسها الاخيرة.
وبدأت ام المؤمنين توصي بما يهمها وكان اكثر ما يشغلها ابنتها الفتية فاطمة الزهراء ـ ع ـ وانحدرت قطرات الدموع الساخنة على وجنتيها حزنا على غربة ابنتها الطاهرة وصرحت للنبي ـ ص ـ بما يشغل تفكيرها على ابنتها فاطمة ـ ع ـ ولكن النبي هدأ من روعها متمنياً لها ولأبنتها كل الخير والجنة ورضا الله عزوجل فأطمأنت نفسها الزكية واطبقت عينيها حينئذ وتشهدت الشهادتين وفاضت روحها الطاهرة الى بارئها راضية مرضية, سلام عليها يوم ولدت ويوم جاهدت مع رسول الله ـ ص ـ ويوم ماتت شهيدة مظلومة ويوم تبعث حية.