هل كانت متزوجة قبل النبي صلى الله عليه وآله

سؤال …؟
كثيرا ما يروي علماء الشيعة بان السيدة خديجة بنت خويلد كانت ارملة وكانت متزوجة قبل رسول الله برجلين وخاصة يذكر هذا الامر السيد هاشم معروف الحسني‎ في كتابه سيرة الائمة الاثنى عشر ، فكيف ذلك ونحن نقرا في زيارة وارث نشهد بانك كنت نورا في الاصلاب الشامخة والارحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بانجاسها…
فاي الروايتين صحيحة تبعا للدعاء يؤكد بان السيدة خديجة لم تكن متزوجة
ونسالكم الدعاء

الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) للسيد جعفر مرتضى ج 2 ص 121 قال:
هل تزوجت خديجة بأحد قبل النبي (صلى الله عليه وآله) ؟ !
ثم إنه قد قيل : إنه ( صلى الله عليه وآله) لم يتزوج بكرا غير عائشة, وأما خديجة, فيقولون : إنها قد تزوجت قبله ( صلى الله عليه وآله) برجلين, ولها منهما بعض الأولاد . وهما عتيق بن عائذ بن عبد الله المخزومي, وأبو هالة التميمي . أما نحن فنقول : اننا نشك في دعواهم تلك, ونحتمل جدا أن يكون كثير مما يقال في هذا الموضوع قد صنعته يد السياسة . ولا نريد أن نسهب في الكلام عن اختلافهم في اسم أبي هالة, هل هو النباش بن زرارة أو عكسه, أو هند, أو مالك, وهل هو صحابي أولا . وهل تزوجته قبل عتيق . أو تزوجت عتيقا قبله . ولا في كون هند الذي ولدته خديجة هو ابن هذا الزوج أو ذاك, فإن كان ابن عتيق, فهو أنثى وإلا فهو ذكر . وأنه هل قتل مع علي في حرب الجمل, أو مات بالطاعون بالبصرة . لا, لا نريد أن نطيل بذلك, وإنما نكتفي بتسجيل الملاحظات التالية :

أولا : قال ابن شهرآشوب : ( وروى أحمد البلاذري, وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما, والمرتضى في الشافي, وأبو جعفر في التلخيص : أن النبي (صلى الله عليه وآله) تزوج بها, وكانت عذراء . يؤكد ذلك ما ذكر في كتابي الأنوار والبدع : أن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة .

ثانيا : قال أبو القاسم الكوفي : ( إن الاجماع من الخاص والعام, من أهل الانال ( الآثار ظ ) ونقلة الاخبار, على أنه لم يبق من أشراف قريش, ومن ساداتهم وذوي النجدة منهم, إلا من خطب خديجة, ورام تزويجها, فامتنعت على جميعهم من ذلك, فلما تزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله) غضب عليها نساء قريش وهجرنها, وقلن لها : خطبك أشراف قريش وأمراؤهم فلم تتزوجي أحدا منهم, وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب, فقيرا, لا مال له ؟ ! فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجة, يتزوجها اعرابي من تميم, وتمتنع من سادات قريش, وأشرافها على ما وصفناه ؟ ! ألا يعلم ذوو التمييز والنظر : أنه من أبين المحال, وأفظع المقال ؟ ! ) .
وأما الرد على ذلك بأنه لا يمكن أن تبقى امرأة شريفة وجميلة هذه المدة الطويلة بلا زواج . فليس على ما يرام, لان ذلك لا يبرر رفضها لعظماء قريش وقبولها بأعرابي من بني تميم .
وأما كيف يتركها أبوها أو وليها بلا تزويج . فقد قلنا : أن أباها قد قتل في حرب الفجار, وأما وليها, فلم يكن له سلطة الأب ليجبرها على الزواج ممن أراد . وبقاء المرأة الشريفة والجميلة مدة بلا زواج ليس بعزيز .
إذا كانت تصبر إلى أن تجد الرجل الفاضل الكامل, الذي كان يعز وجوده في تلك الفترة .

ثالثا : كيف لم يعيرها زعماء قريش الذين خطبوها فردتهم, بزواجها من أعرابي بوال على عقبيه ؟ !

رابعا : لقد ذكروا : أن أول شهيد في الإسلام ابن لخديجة رحمها الله, اسمه الحارث بن أبي هالة, استشهد حينما جهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالدعوة .
ونقول : إن ذلك لا يمكن قبوله, حيث قد روي بسند صحيح عندهم, عن قتادة : أن أول شهيد في الإسلام هو سمية والدة عمار, وكذا روى عن مجاهد .
وعن ابن عباس : ( قتل أبو عمار وأم عمار, وهما أول قتيلين قتلا من المسلمين ) . إلا أن يدعى : أن سمية كانت أول من استشهد من النساء, والحارث كان أول من استشهد من الرجال . ولكنه احتمال بعيد, ومخالف لظاهر كلماتهم, لا سيما وأن كلمة شهيد تطلق على الذكر والأنثى بلفظ واحد, مثل قتيل وجريح . فإن معنى كلمة : ( شهيد ) : شخص, أو ذات ثبتت لها صفة الشهادة, لان المشتقات تدل على ذات ثبت لها وصف ما, فكلمة تقي معناها : شخص له التقوى, وقائم أيضا كذلك . وكلمة شخص أو ذات أو نحوها تصدق على الرجل على حدة, وعلى المرأة كذلك, وعلى كليهما معا .
وعلى هذا الأساس نفسر كلمة : طلب العلم فريضة على كل مسلم, بحيث يشمل الرجل والمرأة معا . أما إذا كان المشتق فيه ( أل ) الموصولية, مثل القائم والمتقي, فإن الامر يصبح أوضح وأجلى, وذلك لان ( أل ) بمنزلة ( الذي ) فالقائم معناه الشخص الذي له القيام . فيصح أن يراد بها الرجل, والمرأة, وهما معا أيضا . وعلى هذا الأساس جرت التعابير القرآنية, مثل : المتقين, المؤمنين الشاكرين الخ . . فإنها تشمل الرجل والمرأة على حد سواء . وذلك واضح لا يخفى . فتلخص مما تقدم : أن هذا النص لا يدل على وجود ابن لخديجة, ما دام أنه قد ثبت حصول الكذب في جزء منه . ولعل هذا الكذب قد جاء لأجل الايحاء بطريق غير مباشر بأن لخديجة ولدا من النبي ( صلى الله عليه وآله), وأن ذلك غير قابل للنقاش – ولكن – قد قيل : لا حافظة لكذوب .

خامسا : لقد روي أنه كانت لخديجة أخت اسمها هالة, تزوجها رجل مخزومي, فولدت له بنتا اسمها هالة, ثم خلف عليها – أي على هالة الأولى – رجل تميمي يقال له : أبو هند, فأولدها ولدا اسمه هند .
وكان لهذا التميمي امرأة أخرى قد ولدت له زينب ورقية, فماتت, ومات التميمي, فلحق ولده هند بقومه, وبقيت هالة أخت خديجة والطفلتان اللتان من التميمي وزوجته الأخرى ؟
فضمتهم خديجة إليها, وبعد أن تزوجت بالرسول ( صلى الله عليه وآله) ماتت هالة, فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والرسول (صلى الله عليه وآله). وكان العرب يزعمون : أن الربيبة بنت, ولأجل ذلك نسبتا إليه (صلى الله عليه وآله), مع أنهما ابنتا أبي هند زوج أختها وكذلك كان الحال بالنسبة لهند نفسه . ولربما يمكن تأييد هذه الروايات بما ورد من الاختلاف في اسم والد هند, فلتراجع المصادر التي ذكرناها ثمة .